باب أفضل الاستغفار وقوله تعالى ( استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا )( والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون)
5947 حدثنا أبو معمر حدثنا عبد الوارث حدثنا الحسين حدثنا عبد الله بن بريدة قال حدثني بشير بن كعب العدوي قال حدثني شداد بن أوس رضي الله عنه ( عن النبي صلى الله عليه وسلم سيد الاستغفار أن تقول اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك علي وأبوء لك بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت قال ومن قالها من النهار موقنا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة )
الشروح
قوله باب أفضل الاستغفار ) سقط لفظ " باب " لأبي ذر . ووقع في شرح ابن بطال بلفظ " فضل الاستغفار " وكأنه لما رأى الآيتين في أول الترجمة وهما دالتان على الحث على الاستغفار ظن أن الترجمة لبيان فضيلة الاستغفار ولكن حديث الباب يؤيد ما وقع عند الأكثر وكأن المصنف أراد إثبات مشروعية الحث على الاستغفار بذكر الآيتين ثم بين بالحديث أولى ما يستعمل من ألفاظه وترجم بالأفضلية .
ووقع الحديث بلفظ السيادة وكأنه أشار إلى أن المراد بالسيادة الأفضلية ومعناها الأكثر نفعا لمستعمله ومن أوضح ما وقع في فضل الاستغفار ما أخرجه الترمذي وغيره من حديث يسار وغيره مرفوعا ( من قال أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه غفرت ذنوبه وإن كان فر من الزحف) قال أبو نعيم الأصبهاني : هذا يدل على أن بعض الكبائر تغفر ببعض العمل الصالح وضابطه الذنوب التي لا توجب على مرتكبها حكما في نفس ولا مال ووجه الدلالة منه أنه مثل بالفرار من الزحف وهو من الكبائر فدل على أن ما كان مثله أو دونه يغفر إذا كان مثل الفرار من الزحف فإنه لا يوجب على مرتكبه حكما في نفس ولا مال
قوله وقوله - تعالى - : و( استغفروا ربكم إنه كان غفارا ) الآية كذا رأيت في نسخة معتمدة من رواية أبي ذر ، وسقطت الواو من رواية غيره وهو الصواب فإن التلاوة ( فقلت استغفروا ربكم) وساق غير أبي ذر الآية إلى قوله - تعالى - : أنهارا وكأن المصنف لمح بذكر هذه الآية إلى أثر الحسن البصري : أن رجلا شكى إليه الجدب فقال استغفر الله وشكى إليه آخر الفقر فقال استغفر الله وشكى إليه آخر جفاف بستانه فقال استغفر الله وشكى إليه آخر عدم الولد فقال استغفر الله ثم تلا عليهم هذه الآية وفي الآية حث على الاستغفار وإشارة إلى وقوع المغفرة لمن استغفر وإلى ذلك أشار الشاعر بقوله
لو لم ترد نيل ما أرجو وأطلبه من جود كفيك ما علمتني الطلبا
قوله (والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم) الآية كذا لأبي ذر وساق غيره إلى قوله وهم يعلمون واختلف في معنى قوله ذكروا الله فقيل إن قوله فاستغفروا تفسير للمراد بالذكر وقيل هو على حذف تقديره ذكروا عقاب الله والمعنى تفكروا في أنفسهم أن الله سائلهم فاستغفروا لذنوبهم أي لأجل ذنوبهم وقد ورد في حديث حسن صفة الاستغفار المشار إليه في الآية أخرجه أحمد والأربعة وصححه ابن حبان من حديث علي بن أبي طالب قال : حدثني أبو بكر الصديق رضي الله عنهما وصدق أبو بكر : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول ( ما من رجل يذنب ذنبا ثم يقوم فيتطهر فيحسن الطهور ثم يستغفر الله - عز وجل - إلا غفر له) ثم تلا (والذين إذا فعلوا فاحشة )الآية . وقوله - تعالى - : ( ولم يصروا على ما فعلوا) فيه إشارة إلى أن من شرط قبول الاستغفار أن يقلع المستغفر عن الذنب وإلا فالاستغفار باللسان مع التلبس بالذنب كالتلاعب
رد في فضل الاستغفار والحث عليه آيات كثيرة وأحاديث كثيرة منها حديث أبي سعيد رفعه( قال إبليس يا رب لا أزال أغويهم ما دامت أرواحهم في أجسادهم فقال الله - تعالى - : وعزتي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني ) أخرجه أحمد وحديث أبي بكر الصديق رفعه ( ما أصر من استغفر ولو عاد في اليوم سبعين مرة) أخرجه أبو - ص 102 - داود والترمذي وذكر السبعين للمبالغة وإلا ففي حديث أبي هريرة الآتي في التوحيد مرفوعا (أن عبدا أذنب ذنبا فقال رب إني أذنبت ذنبا فاغفر لي فغفر له الحديث وفي آخره علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به اعمل ما شئت فقد غفرت لك ).
والله اعلـــــــــــــــــم
ا استغفر الله الذي لا اله الا هو الحي القيوم واتوب اليه